• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الشبهة المثارة: "المبعوث بالسيف.. رحمة للعالمين" كيف هذا؟

أم عبدالرحمن الديب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/2/2015 ميلادي - 27/4/1436 هجري

الزيارات: 58056

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشُبهة المثارة

"المبعوث بالسيف.. رحمة للعالمين" كيف هذا؟


حين يسألك أحدهم (مُشَكِّكًا): "ألم ينتشِر الإسلامُ بالسيف؟!" فقد تُسرِع مدافعًا بقولك: "لا"، أو ثائرًا منتقمًا بقولك: "نعم"!

 

وفي كلا الحالين تكون قد وقعتَ في الفخ؛ فإن قلتَ: نعم، فقد استدرَجَك إلى اتهام الإسلام بالعنف والدموية، وإن قلت: لا، فسوف يُحاسِبك على الغزَوات والفُتوحات، ويؤنِّبك وكأنها أخطاء.

 

لو كان السائل مسلمًا فعليك أن توضِّح له أنه في مشكلة حقيقية؛ فسؤاله ينبِئ بأن قلبَه غيرُ مطمئنٍّ بالإيمان، وأنه يَشعر بضيقٍ من أوامر الله ونواهيه.

 

وإن كان من أهل الكتاب فهو يقينًا لا يَعلم دينَه؛ فقد أنبأك الله تعالى بأن الأمم السابقة أُمِرَت بالقتال:

﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].

 

فمَن يسألك عن هذا مِن أهل الكتاب، فأجِبه بمِلء فيك: "اذهب وراجِع دينك؛ فإن كنتَ لا تعلم، فتعَلَّم".

 

كثيرًا ما تُعرَض عليك الشبهات والتَّشكيكات، فلا تتلقَّها وتَعرِضْها على قلبك عرضَ المتشكِّك، بل استرجِع إيمانك ويقينك وأدلتَك في أن تلك الرسالةَ حق؛ ستَجد نفسك إن شاء الله مجيبًا بقلب مطمئن.

 

وانتبه، لا تَقتحِم نِقاشًا لست تحتَمِله، فيَخرج خَصمُك منتصِرًا.

 

لا عيب في أن تقول: إنَّك لم تَدرُس هذه المسألةَ بعدُ، وإنك إن شاء الله لا مانعَ لديك من مناقشَتِها بعد دراستها.

 

وكذلك تذكَّر: ليس كلُّ الناس يُجاب عن استفساراتهم؛ فإن وجدتَ خوضًا واستهزاءً في آيات الله فأعرِض وانصرف عن هذا المجلس فورًا:

﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

 

﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68].

 

ولنتناوَلْ هذه الشبهةَ المزعومة بشيء من التفصيل قد يريح القلوب ويطمئِنُها:

بدايةً إخوتَنا، سَلوا الله نورَ البصيرة وانشراحَ الصدور، وأن نكون ممن يستمعون القول فيتَّبِعون أحسنه، ورجاءً لا تمرُّوا على الآيات؛ لأن الكلام مبني على الآيات.

 

نسألك اللهم سدادًا وبركة؛ آمين.

 

بسم الله نبدأ:

أستهل بهاتين الآيتين، والحديث هذا المبحث الهام جدا.

الآيتان العاشرة والحاديةَ عشرةَ من سورة المؤمنون: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10، 11].

 

((ما مِنكم من أحدٍ إلا له منزلانِ؛ منزلٌ في الجنةِ، ومنزلٌ في النارِ، فإذا مات فدخل النارَ ورث أهلُ الجنةِ منزلَه؛ فذلك قولُه تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴾ [المؤمنون: 10])).

 

الراوي: أبو هريرة، المحدِّث: الألباني، المصدر: صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 3519.

خلاصة حكم المحدِّث: صحيح.

 

لنتَّفِق من البداية على أنَّ لكل الناس منازلَ في الجنة، لكن هناك من يستغني بالدنيا ويأبى الدُّخول في رحمة الله.

 

ويبيِّن ذلك قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ أمتي يَدخلون الجنةَ إلا مَن أبى))، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ومن يأبى؟! قال: ((من أطاعَني دخل الجنةَ، ومن عصاني فقد أبى)).

 

الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7280.

خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

وقد يُظَن أن هذا الحديث يخصُّ المسلمين فقط، لكن الأحاديث يفسِّر بعضُها بعضًا:

((والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لا يَسمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به، إلا كان مِن أصحابِ النارِ)).

 

الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 153.

خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

فها هي تتَّضح معالم الفهم لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

قال الله: ﴿ إِلَّا رَحْمَةً ﴾؛ يعني أنَّ كل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي ومعاملةٍ ما هو إلا رحمة، فالفوزُ بالجنة والنجاةُ من النار رحمةٌ من عذاب جهنم.

 

ومن ذلك نَفهَم قول الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الإسراء: 105].

 

فالبُشرَيات والنُّذُر التي جاء بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم هي من رحمة الله التي أرسل بها عبدَه للناس؛ حتى يرغبوا في الجنة ويجتَنِبوا النار، فلا يكون حالهم كما وصفَه الله: ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 8 - 11].

 

فها هي الحياة الدنيا بطول العمر فيها فرصةٌ مِن بعد فرصة؛ حتى لا يكون هذا المصير مصيرَهم، فلا يَعودوا للندم بعد نفاذ القضاء فيهم: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].

 

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12].

 

فقد جاء النذيرُ بعد النذير حتى آل أمرُهم إلى غضَبِ الربِّ سبحانه وتعالى:

﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 105 - 108].

 

وحتى تظلَّ التذكرةُ حيَّة في الخلق؛ جعَل الله على هذه الأمَّة واجبَ التبليغ والإصلاح:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].

 

فكيف يا خيرَ أمَّة تُشفقون على الناس مِن إنذارهم من عذابٍ قريب؟!

ألستم أتباعَ نبيِّ الرحمة؟! فكيف نُشفق على أهل الكتاب أو غيرِهم ونقول: هم أحرار؟!

وكيف نوَدُّهم ونُعينهم على معصية الله وإهلاك أنفسهم وهم لأنفسهم ظالمون؟!

 

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو بمنزلة الوالدِ من الولَد - ما ترك الناس ليتَّبعوا أهواءهم، ونحن مِن بعده مشفقون من عذاب الله، حتى لو أرَّقنا مضاجعَهم ليفرُّوا إلى الله؛ ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50، 51].

 

هل لو شبَّ حريق في الدار تترك أبناءك نائمين إشفاقًا عليهم من الانزعاج؟ هل يفعل الوالد ذلك شفقة؟!

بل الشفقة تستدعي أن توقظهم بكل طريق حتى ينجوا، فلا تظنَّ ترك الناس على حرياتهم متَّبِعين الأهواء هو الرحمة ولا السعادة.

 

أأناني أنت لتتبع الحقَّ وتترك الناس في سبيل الشقاء حتى يبلغوا النار؟! أتظن نفسك بهذا تتبع رسولك صلى الله عليه وسلم في الرحمة؟! بل عليك في كل موضع أن تُذكِّر الناس بالآخرة؛ لعل إحدى تلك الأنفس تُزحزَح عن النار؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

 

وانظر كيف هو فعلٌ عظيم عند الله؛ ليقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبرَ: ((لأُعْطيَنَّ الرايةَ غدًا رجلاً يُفْتَحُ علَى يديهِ، يُحبُّ اللهَ ورسولَه ويُحِبُّهُ اللهُ ورسولُه))، فباتَ الناسُ ليلتَهُم: أيُّهُم يُعْطى، فغدَوْا كُلُّهُم يَرْجوه، فقال: ((أينَ عَلِيٌّ؟))، فقيل: يَشتكي عَينَيه، فبصَقَ في عَيْنَيه ودَعا له، فبرَأ كأَنْ لم يكُن بهِ وجَع، فأعطاه، فقال: أُقاتِلُهُم حتى يَكونوا مِثْلَنا؟ فقال: ((انفُذْ على رِسلِكَ حتى تَنزِلَ بساحَتِهم، ثم ادْعُهُم إلى الإسلامِ، وأخبِرْهُم بما يجبُ عليهِم؛ فواللهِ لأَنْ يهدِيَ اللهُ رجلاً بك، خيرٌ لك مِن أنْ يكونَ لك حُمْرُ النَّعَم)).

 

الراوي: سهل بن سعدٍ الساعدي، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3009، خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

ومعنى حُمر النَّعم هي: الإبل الحُمر، وهي أنفَسُ أموال العرب؛ يَضربون بها المثَل في نَفاسة الشيء وأنه ليس هناك أعظمُ منه، وقد نصَّ على هذا النوويُّ في شرحه لهذا الحديث، والله أعلم؛ (إسلام ويب).

 

فلو أنك تضع أمام عينيك عذابَ جهنم لعرَفتَ كم يستحق البذلُ من أجل إنقاذ ولو نفسٍ واحدة منها.

 

ويزداد فَهمُنا للرحمة حين تكون بهذا الصبر حين يأبى الناس لأنفسهم إلا الأذى: ((إنَّما مَثلي ومثَلُ النَّاسِ كمَثلِ رجلٍ استوقد نارًا، فلمَّا أضاءت ما حوله جعل الفَراشُ وهذه الدَّوابُّ التي تقعُ في النَّارِ يقَعن فيها، فجعل يزَعُهنَّ ويَغلِبْنه فيقتَحِمن فيها، فأنا آخذٌ بحُجَزِكم عن النَّارِ، وأنتم تقَحَّمون فيها)).

 

الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6483.

خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

يَدفع الناس عن المهالك "رحمةً"، ولكن هناك مَن يأبى ويصرُّ على إهلاك نفسه!

 

وهل يُترك الكافر إن أبى إلاَّ كفورًا؟ لا، فالكافر يتبع سبيل الشيطان في إغواء الناس، لا يردَعُه رادع، فهل تأمنُه على دينك إن كان هو مضيعًا للدين؟!

 

فعيش الكافر لا يستقر إلا إن أسكَتَ من يُزعجه بالأمر والنهي من الأُمَّة المكلَّفة بالإصلاح في الأرض، فلا الكافر يكفُّ عن الفساد، ولا المسلم يتوقف عن أمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر؛ امتِثالاً لأمر الله من أجل نَجاتهم كما أوضحنا.

 

فللكافر مخاطرُ عدة:

يريد أن يصبح الناسُ مثله: ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء: 89].

 

يُضلُّ الناس عن سبيل الله؛ لتطيب لهم الحياة الدنيا، ولا يكدر لهوَها عليهم أحد: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

 

ومع الصد عن السبيل القويم، يُفسد في الأرض وينشر الرذائل، فهو في الأصل متبعٌ لهواه: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 3].

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].

 

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾ [الأعراف: 45].

 

﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 86].

 

فمِن رحمة الله أنه لم يَترك المضِلِّين في الأرض يُفسدون على الناس دينهم؛ فإنْ هُم أبَوا دخول الجنة والفوزَ - بعد تذكيرهم بحقِّ الله عليهم في عبادته، وتبشيرهم بالجنة إن أطاعوا، وإنذارهم من النار إن عصَوا - فإن الله يمنعُهم عن أذى غيرهم؛ حتى يهتدي الناس إلى ما خُلقوا من أجله: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

 

فبعدَ الإنذار بعذابِ الآخرة يأتي التخويف والعقوبة في الدنيا؛ حتى يخاف الناس القتال، ويرتدعوا عن اتِّباعهم، ويندفع أذاهم: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33].

 

فإن قُتل الواحد منهم فهو قد مرَّ بالتذكرة، ولكنه استحقَّ العقوبة من الله والتي كما ذكَرنا أن فيها دفعًا لأذاه عن غيره، ورحمةً ببقية الناس من غير المُصرِّين.

 

فكما قلنا قبلاً: إن الله علم منهم الكفر، وأمهَلهم حياتهم في الدنيا: ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 100].

 

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12].


وبهذا نفهم بصدرٍ منشرح ونفس مطمئنَّة - إن شاء الله - موضعَ الرحمة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُمِرتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يشهدوا أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ، ويقيموا الصلاةَ، ويُؤتوا الزكاةَ، فإذا فعلوا ذلك عَصَموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحقِّ الإسلامِ، وحسابُهم على الله)).

 

الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 25.

خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

((بُعِثتُ بين يدي الساعةِ بالسَّيفِ، حتى يُعبَدَ اللهُ تعالى وحدَه لا شريكَ له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظِلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذُّلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أمري، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم)).

 

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 2831.

خلاصة حكم المحدث: صحيح.

 

واذكروا قول الله تعالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147]، وأنَّ مَنازلكم في الجنة مُعدَّة لا يُحرَم منها إلا مَن أبَى.

 

فهل فهمت الآن كيف يكون السيف رحمة للعالمين؟

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
  • النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين
  • رحمة للعالمين
  • الشبهة الرابعة: زعمهم أن دعاء الأولياء الصالحين والذبح لهم ليس عبادة
  • الشبهة الخامسة: من أنكر الشرك فقد أنكر شفاعة الرسول
  • جيل الشبهة

مختارات من الشبكة

  • ضابط: التعزير يثبت مع الشبهة - شبهة الإثبات (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شبهة دليل الأعراض (حلول الحوادث) والرد على الشبهات المتعلقة بذلك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كشف شبه أهل الكتاب عن الإسلام (13 شبهة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فقه الشبهة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أثر الشبهة على أحكام الأحوال الشخصية وصورها المعاصرة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الشبهة وأثرها في الحدود والقصاص(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • شبهات حول القرآن (2) شبهات علمية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أسلحة وسيوف النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • الشبهات الدارئة للحدود عند الشافعية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 


تعليقات الزوار
1- شهادة لله
خالد الكرخي - العراق 06-10-2020 08:14 PM

جزاكم الله كل خير عن الإسلام والمسلمين لهذا التفصيل الرائع ولهذا الدفاع عن شرع الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وجعلها في ميزان حسناتكم إن شاء الله.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب